من نصائح المحدث الشيخ عبد الله الهرري

احرص على نظيف الكفّ والسُّمعة

تتعدد المجالات التي يخوض فيها الواحد منا ليتعلّم من مجموعها جملة من التجارب تصقل شخصيته ووعيه وترسم ملامح تعاطيه وتفاعله مع الناس.

ففي كل مرة تريد أن تنجز عملًا ما وخاصة إذا ما كان هذا العمل يرتبط بما يسمى ورشة فأنت غالبًا ستحتاج للتعاطي مع أكثر من صاحب مهنة لإتمام العمل بالشكل المناسب، والورشة هي أحد أكثر المجالات دسامة للاحتكاك مع الناس، وهنا تبدأ التجربة، لا سيما وإن العمل في الورش هو عمل متفاعل متلاحق، فلا يستطيع الدهان مثلًا أن يدخل الورشة قبل رجل الأعمال الصحية «السنكري» أو الكهربائي، وبالتالي وطالما أنك تسعى
لإنجاز ما تريد في إطار زمني محدد، فأنت ستعمل على وضع برنامج زمني لكل جزئية من الورشة بغية ترتيب المهام والأعمال بما يتناسب مع مقتضيات إنجاز العمل كما تشتهي وبالوقت الذي يناسبك.

وتبدأ الرحلة بالاتفاق على العمل، فيدخل عليك أحدهم ليصور لك أن ما تطلبه من العمل يشبه عملية البناء من الصفر، وبناء عليه فإن كُلف العمل والمواد المطلوبة سوف تصل إلى المبلغ المرقوم، فتقول له بطريقة عفوية وفي إطار سعيك للتوفير على نفسك ما استطعت «ضع لي لائحة بالمواد المطلوبة وأنا أجلبها لك»، في هذه اللحظة قد تلاحظ أن ملامح الرجل بدأت تتحول من الابتسام إلى نقيضه، إما لأنه ظنك لا تثق به وإما لأنك قد سددت عليه باب الحصول على نسبة من تاجر المواد، وفي كلا الحالين مسار التوافق على العمل لن يكون سهلًا بعدها. النموذج الآخر يدخل عليك ويقول: «بسيطة ولا يكلك فكر» فتسأله عن التفاصيل فيقول لك: «لن نختلف»، والعبارات السابقة كثيرًا ما تكون من أجل الحصول على الورشة وبعد ذلك قد تبدأ المفاجآت، وتتكرر العبارات المعهودة «لا لا لا لم نتفق على هذا، أنا لو عارف هيك ما أخذتها»، وبعد تخطي مرحلة اللوم والعتاب والانطلاق بالعمل مع أي منهما يبقى موضوع الوقت، وهنا تصبح كأنك بموقع الرهينة فالورشة قد بدأت ومن المتعارف عليه بين أصحاب المصالح أن عملهم ليس عملًا ثابتًا وأن فرصة الحصول على اتفاق مع صاحب ورشة أخرى ليس أمرًا متاحًا دومًا، لذا وهو في خضم إنجاز العمل الذي أنت طلبته منه تجده ارتبط بورشة أخرى وضاعت المهل الزمنية بينك وبينه وأصبح الوصول إليه يشبه السعي للحصول على موعد مع الرئيس.

لذا من أراد إنجاز أعماله من دون الدخول في متاهات الكذب والنصب فليحرص على التعامل مع من يخاف اللّه ويلتزم بما شرعه اللّه من الأحكام ومع من اشتهر بأنه رجل نظيف الكفّ والسمعة.