من نصائح المحدث الشيخ عبد الله الهرري

حتى لا ينقلب الأبيض إلى أسود

إن التعاليم والمبادئ السامية التي تُزرع فينا منذ الصغر تنمو معنا، وحين يشتد العود ويصبح طفل الأمس رجل اليوم يتراجع دور الأهل تدريجيًّا في التقويم والتصويب والإرشاد، وهنا إن لم يكن قد تمّ غرس الرادع الذاتي فإن زجر الأهل غالبًا لا يكون قابلًا للتطبيق في هذه المرحلة ولا يؤتي ثماره بل قد ينجم عنه قطيعة أو ما يشبهها. 

والنظر إلى خطواتنا الأولى في ميدان الاستقلالية واتخاذ القرارات وتحديد الخيارات وتحمل المسؤوليات التي قد تترتب على هذه القرارات والخيارات يعطينا صورة واضحة عن صراع غالبًا ما يعيشه الكثير من الشباب والشابات.

فالمفاهيم المغلوطة التي تتسلل إلى أذهان جيلنا من مصادر متعددة منها البرامج التلفزيونية المتفلّتة وأصحاب السوء وسوء استخدام الإنترنت وغيرها الكثير… تضع أبناءنا أمام تضارب حادّ على صعيد القيم والمفاهيم وحتى معايير الصواب والخطأ.

وهنا نتوقف أمام ما يسمى زورًا الاستقلالية والتحرر وهي باب واسع من أبواب عقوق الوالدين والانحراف. فرجال وسيدات اليوم قبل أن يشتد ساعدهم كانت الأم وكذا الأب قد أحاطاهم بكل محبة وسعيا كل السعي لحمايتهم من الأخطار.

فشبابنا يغرر بالكثير منهم وهم في سن المراهقة ويزرع في فكرهم تحت عنوان الثقة بالنفس والنضوج بأنهم أصبحوا قادرين على العيش وحدهم والعيش بعيدًا عن سلطة الأهل.  وهنا يندفع الأهل للطلب من ولدهم على عدم الإقدام على أي عمل تحفّه الأخطار. ثم هذا المفهوم الملغوم الذي زرع في رأس أولادنا ألغى بالممارسة عندهم معنى محبتنا لهم وخوفنا عليهم وسعينا لحمايتهم مما نظن أنه قد يعرضهم للخطر، وبالتالي هذا المفهوم المسموم حوّل مشاعر الوالدين الصادقة إلى ما يشبه استفزازًا ومحاولة للقضاء على شخصية وحرية وحياة أولادهم في أذهان الأولاد ناسين أن الوالدين هما من بذل الغالي والنفيس كي يكون أولادهم سعداء وبخير وأمان!!!!.

وبالمحصلة فإن المعركة صعبة فلمن نترك أولادنا وفلذات أكبادنا؟ هل ندعهم بين براثن الشيطان وأنياب المفسدين ليعيثوا بفكرهم وسلوكهم فسادًا فينقلب عندهم الصواب إلى خطأ والأبيض إلى أسود؟ قطعًا لا، إنما علينا أن نبذل الجهد لزرع الرادع والعلم النافع في نفوس أولادنا حتى تقوى عزائمهم على حفظ نفوسهم من وسوسات الشيطان وتشويشات المفسدين.█