من نصائح المحدث الشيخ عبد الله الهرري

ماذا حدث لليلى بعد الذئب

“وعادت ليلى إلى بيت أهلها ووعدت أمها أنها لن تُكلّم غريبًا بعد اليوم، وتوتة توتة خلصت الحتوتة”، هي آخر عبارة كنا نسمعها ونحن بين اليقظة والأحلام، هي آخر عبارة كنا نسمعها ونحن ننظر إلى عيون أهلنا الحنونة ونحن ننام، هي القصة التي كنا لطالما نطالب أهلنا بقراءتها لنا كل ليلة قبل النوم، كيف لا وهي قصة مليئة بالمغامرة والمفاجآت وليلى البنت الرقيقة المرحة الجميلة التي كانت تحب جدتها، وذلك الذئب الشرير الذي لطالما كرهناه وتمنينا لو كنا مع ليلى لنمزّقه إربًا. لكنها لم تكن إلا مجرد قصة وتلك العبارة نهايتها، أو هذا ما كنا نظنه. 

هل تساءل أحد منا ماذا حصل لليلى بعد الذئب؟ قد يعتبر البعض أن هذا السؤال سخيف وأن ليلى والذئب هي مجرد قصة لا نسأل عن شخصياتها الخيالية بعد نهايتها. لكن مَن قال إن القصص ليست تصويرًا لواقع حال مهما تغيرت الأزمنة وتقدمت العصور؟ أليس في نهاية القصة نستخلص أنه ينبغي علينا الحذر في مكالمة الغرباء الذين لم تسبق لنا معرفتهم وأن نستعمل الحكمة وتحكيم الشرع في حياتنا؟ أليس هكذا علّمنا أهلنا؟ إذًا فهذه القصة هي نوع من التصوير لواقع حالنا ومجتمعنا وهي كانت ولا تزال بمثابة تحذير لنا ولأهلنا وبناتنا. أما لمن لا يزال ينتظر الإجابة عن سؤالي فإليكم الإجابة وإليكم ماذا حصل لليلى بعد الذئب.

ليلى، تلك البنت ذات الرداء الأحمر كبرت وأصبحت مراهقة، ليلى دخلت المدرسة وصار لها أصدقاء كثر، ليلى اشترت لها والدتها هاتفًا محمولًا حتى تطمئن عليها إن تأخرت بعد المدرسة أو كانت تمضي الوقت عند رفيقاتها، ليلى سُرّت كثيرًا بهذا الهاتف وبدأت بإضافة أصدقائها إلى لائحة المتصلين بها، ليلى تعرفت على الفايسبوك الآن ولم تعد تستطيع عد طلبات الصداقة على حسابها. لكن ما لم تكن تدريه ليلى أن الذئب أيضًا صار عنده فايسبوك!!!

نعم ولم لا، فكثير من مستخدمي الفايسبوك في أيامنا الحالية هم أشخاص بأسماء وهمية، ومن منا لا تأتيه طلبات صداقة من أناس لا يعرفهم؟ والله أعلم بمن يجلس خلف الشاشة في الناحية الثانية من الاتصال. وبالعودة إلى موضوعنا لم تكن تدري ليلى أن الذئب صار عنده حساب على تطبيق فايسبوك، وقد تعلّم أساليبًا جديدة في الخداع وصار منطلق اللسان يتحدث بعدة لغات دخل إلى نادٍ يسمى بكمال الأجسام، وصار يُحسِّن في شكل جسمه الخارجي ويقوي عضلاته، وكل يوم يلصق عشرات الصور له في النادي وعلى البحر وفي المطاعم على جداره الفايسبوكي. ثم انتهز فرصة تعرّفه على إحدى صديقات ليلى لكي يرسل لليلى طلب صداقة.

وبما أن صديقتنا الصغيرة ساذجة لم تحب أن تخجله ووافقت على صداقته، وبدأت عملية الخداع. بالطبع لم يكن هدفه هذه المرة أن يأكل ليلى أو جدتها ولا يخفى على أحد ما هي نواياه هذه المرة، ثم بدأت ليلى تستلطفه وبدأت تتعلق به. حتى طلب رقمها ليتسنى له التكلم معها على الواتسب لأن استعماله أسهل على الهاتف.

وانتقلت القصة من الفايسبوك إلى الواتسب وكما يقال من سيئ إلى أسوء. حتى بدأت كلمات الحب تتوالى وتنهمر في محادثات الصغيرة ليلى وهي التي لا تعرف عن الحب إلا من الأفلام والمسلسلات التركية، حتى ذابت ليلى في كلام الذئب المعسول وأصبحت كالمنومة مغناطيسيًا بين يديه وأصبحت رهن إشارته، فبدأ الذئب بتحقيق خطته وبدأ يطلب من ليلى صورًا لها بداعي وضعها خلفية لهاتفه، وبدأ يطلب منها اللقاء في أماكن عامة ليتعرّف عليها أكثر ثم أصبحت الأماكن غير عامة حتى وقع المحظور.

صدقوني أعزائي القراء ليلى هي بنت عادية تعيش في مجتمعنا وفي بيوتنا، ليلى بنت مخدوعة منقادة بمشاعرها غير الصائبة التي هي في غير مكانها ليلى رهينة أفكار مزروعة في رأسها بغير إرادتها لكنها زرعت وأثمرت حنظلًا -الحنظل هو نبات له لب شديد المرارة.

أجارنا الله وإياكم ولطف الله بنا وببناتنا وأخواتنا.█